محنة البحث عن الجذور

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على من لانبي بعده/
اقتراح ...لمذا ايها الاخ الفاضل لا تحضر وعدة سيدي احمد المجذوب واخذك الى بعض المشائخ واعرفك ببعضهم وتطرح انشغالاتك ..
اقتراح ثاني بعد ان نتعارف اعرفك عن طريق السكايب على احد المجادبة وتكمل المسيرة بنفسك..
عفوا على التدخل فيما لايعنيني اوابداء راي في غير موضعه .....

بالعكس يعنيك ما تدخلت فه مشكورا. غير أن المضوع لا علاثة له ببحثي. و ربما هذا يهم من يتسأل عن حفدة جده سيدي أحمد المجدوب، عم سيدي الشيخ. وأعرف منهم البعض. لذا أرجوا ذكر مكان الوعدة و شكرا

تابع من ص.48 إلى 52
نزلت بمدينة فجيج وقد تمت الرحلة إليها في أحسن الظروف. حقا إنها واحة ساحرة. ذات منظر جذاب، ولها جماليتها المنفردة، ورغم مظاهر الحداثة البادية في كل فظاءاتها العمرانية فإنها لم تتخل عن أصالتها وماضيها المشرق حيث ظلت لقرون تلعب دور الوسيط الإستراتيجي من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية بين الجنوب والشمال.
القصور التي بداخلها تشهد على ماض مجيد للمنطقة. ولا تنقص عزلتها شيئا من أهميتها التاريخية والثقافية. وأدركت لماذا استوطنت ولا تزال من طرف أجيال عديدة من أولاد سيدي الشيخ الذين يعتبرهم الفجيجيون بمثابة أخوال لهم لكون سيدي الشيخ تزوج بللا يمنة بنت سيدي أحمد بن زيان من الشرفاء الوداغير. وبذلك صارت مسقط رأس شيوخ كثيرين واتخذها الشيخ المجاهد سيدي بوعمامة مقرا له لمدة طويلة.
بدأت تجوالي فيها بزيارة خاطفة، خارج الواحة، لمزار سيدي الشيخ، نفعنا الله جميعا ببركاته. إن المزار واسمه أجدل السهلي يقع في بيئة شبه مقفرة وهو فضاء روحي مناسب للعبادة. وقد اتخذ منه هذا الولي الصالح مجالا لخلواته التعبدية والصوفية. والمزار الآن عبارة عن ضريح شيدت عليه قبة مميزة بناها الشيخ سيدي بوعمامة رحمه الله في بداية القرن الماضي. وأضيفت إليها قاعة كبيرة تم تشيدها مؤخرا.
.للإشارة فان الضريح يأوي جثمان أحد حفدة هذا الولي الصالح وهو المرحوم سيدي الشيخ بن الطيب، علما بأن ضريح سيدي الشيخ يوجد في مدينة ابيض سيدي الشيخ بالجنوب الغربي للقطر الجزائري الشقيق كان تأثري عميقا وأنا أطوف بجنبات هذا الموضع رفقة المقدم الذي أمدني ببعض المعلومات. لكنني لم أجد، مع الأسف، لا مخطوطات ولا كتب يمكن الإطلاع عليها.
غادرت المكان وأمنيتي أن أعود لزيارته مرة أخرى، ربما بمناسبة قد تجمع، هنا حول هذا المقام، بين كل أولاد سيدي الشيخ أينما وجدوا. نعم لقد زرت المقام راجلا وغادرته كذلك مرورا بشارع طويل يحمل اسم شارع سيدي عبد القادر بن محمد الذي يقع بجانبه مسجد سيدنا أبو بكر الصديق. وكلها مشاهد تدل على مدى التشريف والاحترام اللذين يحضا بهما أولاد سيدي الشيخ بين أهل هذه الواحة الكرماء.
لما وصلت إلى ما يسمى هنا بالفيلاج أي القرية، حيث تتجمع كثير من المحلات التجارية، لم أجد أي مكتبة من شانها أن تزودني ببعض الكتب حول تاريخ المنطقة. علمت أيضا أن خزانة البلدية لا تضم أي مستند يمكن أن استفيد منه. ولكن قيل لي بالمقابل أن نخبة من المثقفين الفجيجيين هم على استعداد لإشباع فضول أي باحث. وقد وجدت هناك ناديا للانترنيت أمكنني من الرد على تساؤلات السيد محمد معزوز أحد أبناء العمومة الذي راسلني من المدينة الجزائرية المجاورة بني ونيف، التي تحتضن ضريح سيدي سليمان بن أبي سماحة، معبرا عن رغبته في التعرف على حفدة سيدي بن عيسى لعرج المتواجدين بالمغرب. لا أدري هل هذا التواصل جاء مجرد صدفة من حيث الزمان والمكان، أم له دلالة لا يعلم أسرارها إلا الله سبحانه وتعالى؟ ولما سألت عن موقع ضريح الولي الصالح سيدي بن عيسى لعرج، قيل لي أن المكان يسمى العباد، في اتجاه قصر أزرو.
خصصت ظهر اليوم لزيارة قصر زناكــة الواسع العريض، وقصر زناكة هذا يبعد عن وسط الواحة ويقع بالجهة السفلى للواحة في منطقة تغطيها أشجار النخيل الباسقة. وكان تجوالي لا يخلو من اكتشافات مثيرة زادتني إعجابا وافتتانا بالمكان وبساكنيه الطيبين. ولم أشعر البتة أنني غريب في هذه الواحة الجميلة الهادئة والآمنة.
وفي ختام هذا التجوال لم أحس بأي تعب أو ملل رغم المسافات الطويلة التي قطعتها راجلا. رجعت قبيل الغروب، وعند ولوجي من جديد للشبكة، زرت منتدى سيدي الشيخ. كانت المفاجأة كبيرة. سررت كثيرا لما تصفحت ما كتبه ابن العمومة العضو في المنتدى: ابن قطاع القور سيدي أمحمد عبد الله، ردا على تساؤل ضمن محنة البحث عن الجذور. فأدركت أهمية نشر وقائع محنتي في المنتدى، خصوصا وأن سيدي زكريا حكوم، العضو الجديد من مراكش، قدم نفسه بصفته سليل شجرة جدي سيدي عبد الكريم بن سيدي الحاج عبد الحاكم. وهذه هي المرة الأولى التي أتوصل فيها بنبأ سار يخدم الفكرة التي أعمل من أجلها وأنا في خضم البحث عن المنتسبين لفرع المجاذبة وفي هذا الوقت بالذات. وفي هذه الأرض الطيبة التي كانت موطنا لأسلافنا رحمهم الله،علما بأنني ما جئت إلى فجيج إلا لغرضين:
- زيارة مقام و يقال له كرامة جدي سيدي عبد القادر بن محمد والبحث عن المجاذبة.
- والتأكد من مدى صحة الآراء القائلة بأن أحد أبناء جدي سيدي عبد الكريم يوجد قبره مجاورا لقبر سيدي بن عيسى لعرج.
كان اليوم يوم جمعة جاء بعد عطلة يومين قبله. ارتأيت أن أتصل بشخصية من شخصيات فجيج، لكي أبلغ عبرها تحياتي وتقديري إلى النخبة المثقفة هنا. ولم أجد أحسن وأكرم من يقوم بذلك من السيد رئيس المجلس البلدي الذي طلبت مقابلته فاستقبلني في الحين، رغم كثرة مشاغله. وقد بادلني التحية والدعاء، وفهمت من المناقشة معه أن اهتمامه منصرف أساسا لتلبية الحاجيات اليومية للسكان بما فيهم أولاد سيدي الشيخ وغيرهم. وقد أثنى على مبادراتي أحسن ألثناء وأرشدني إلى المفكر الأستاذ السيد العربي هلالي. لم تستغرق الجلسة معه سوى دقائق معدودة. خرجت على إثرها من مكتبه قاصدا ضريح الولي الصالح سيدي بن عيسى لعرج. تابعت الطريق الذي أرشدني الناس إليه وهو معبر للراجلين والدواب والدراجات. سرت عبره حتى بلغت أخر الهضبة من الناحية المشرفة على قصر أزرو الواقع بجانب الجهة السفلى للواحة التي زرتها البارحة. لما سألت عن الضريح فوجئت بوجوده على اليمين فوق الهضبة والطريق المؤدية له من ناحية أخرى. ولكنني وبالرغم من ذلك تمكنت من الوصول إليه عبر منحدر متعرج وصعب المرور. لما وقفت أمام القبة وشاهدت المنظر الذي تشرف عليه والمحيط الجميل الذي يجاورها، أدركت أن المقام يليق بهذا الولي الصالح ويستحقه. إن ذلك كله يوحي بأن الضريح ليس مهملا ولا مهجورا كحالات كثير من الأضرحة التي مررت بها وهي كثيرة جدا بفجيج. كان المكان في الماضي مقرا لأول زاويا سيدي الشيخ. وقد تم بناء القبة، حسب معلوماتي، أيضا على يد سيدي بوعمامة رحمه الله. وقفت مدة أمام هذا المشهد الجليل أتأمله بتأثر عميق. وعندما لم أجد أي واحد يمكنه أن يدلني على معالم المكان، توكلت على الله ثم دخلته متوجها إلى باب القبة الذي كتب عليه اسم الولي الصالح سيدي بن عيسى. عبرت العتبة، فإذا بي في وسط الضريح. إنه مشهد يبعث على الهيبة والوقار وقد لفتت زينته نظري وحركت مشاعري واستشعرت في وجداني الإعجاب والتقدير الزائد لحرمة المكان ولهيبته . بجانب القبر معالم باهتة لا تحمل أية دلالة ولا أي رمز أو أثر يشهد على حقيقتها. أظن أنها أطلال لقبور دارسة عفي عليها الزمن. بعد الترحم على روح الولي الصالح والدعاء خرجت للبحت عن مقدم الضريح، ولما لم أجد أحدا يمكنه أن يجيب عن بعض تساؤلاتي ويمدني ببعض المعلومات، رجعت من حيث أتيت عبر مسلك وسط البساتين والمزارع. كانت الساعة تقترب من موعد صلاة الجمعة، وعلي أن أستعد للقيام بهذا الواجب الديني قبل كل شيء. ولما علمت أن صلاة الجمعة لا تقام بمسجد سيدنا أبي بكر الصديق، توجهت إلى مسجد سيدي عبد الجبار بقصر المعيز. وفي الطريق مررت على المركب الثقافي المجاور له، وهو عبارة عن بنايات تقليدية قديمة تحتوي على أقسام للدراسة وعلى خزانة للكتب، كانت وقتها مغلقة الأبواب ولست أدري هل تضم مراجع وبحوث خاصة بتاريخ المدينة وضواحيها أم لا؟
وبعد صلاة الجمعة خرجت في طلب أحد أبناء العمومة هناك ويتعلق الأمر بإمام مسجد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه وهو ينتسب إلى حفدة سيدي بن عيسى لعرج. كان اللقاء بيننا وديا جدا. ولكن لم أجد عنده ما يشبع فضولي المعرفي كباحث. لقد علمت فقط أن أحد قبور قبة سيدي بن عيسى هو لسيدي بوضواية، أما القبور الأخرى ربما لأبنائه ولكن من دون أي تأكيد يذكر. إنها مجــرد أقوال وروايات لا أقل ولا أكثر. وبعد صلاة المغرب بمسجد سيدنا أبي بكر الصـديق أكون قد ختمت زيارتي لفجيج، الواحة الطيبة الكريمة الطاهرة، حيث غادرتها صباح اليوم الثالث من زيارتي لها. ولن أكون مبالغا إذا قلت بأنني قد استمتعت جدا بمناخها وأجوائها الطبيعية والبشرية الهادئة.
وأود أن أشير بهذه المناسبة أنني قد لقيت من السيد العربي الهلالي، عند ما تشرفت بمقابلته، بالرباط، في جلسة قصيرة، تفهما عميقا لما أبحث عنه. ولما تأكد من نبل العمل الذي أقوم به وعدني بأن يمكنني من مجموعة من المراجع التي من شانها أن تعيــنني على مواصلة البحث. فعلى سبيل المثال حكى لي بأن جده الذي كان قاضيا بفجيج قد انتدب والده ليذهب إلى العيون بطلب من أولاد سيدي الشيخ قصد إثبات الأرض التي أصبحت في حوزتهم من يومئذ، وكان ذلك في أوائل القرن الماضي. تم نصحني بالإطلاع على الدراسات التي تطرقت لتاريخ المنطقة في مطلع القرن الماضي والتي تتضمن معلومات وافية عن التشكيلات القبلية وكذا عن المكونات السلالية لأولاد سيدي الشيخ .
للمزيد انتقل إلى
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]