عمر الإنسان من لدن آدم عليه السلام وعمر الأرض، والفرق بينهما

بسم الله وصلّى الله على سيِّدنا محمد وعلى آله

السلام عليكم واسمحواْ لي أن أفتتح هذا الموضوع الجاد وربما -أصبح- شائكاً لما ظهر فيه من تباين الحجج والتدليل نظراً للمساهمات العديدة في العديد من المنتديات والنقاشات في موضوع السلالات البشرية وتحديد الجينات الوِراثية للإنسان وانتماءه لهاته القبيلة أو تلك

وقد سبق أن عبَّـرت عن موقفي فيه في مواقع أخرى لكني إرتأيت معاودة معالجته هنا من جانب آخر وهو التفريق بين (1) عمر بني آدم على هاته الأرض و(2)عمر الأرض، والفرق بين النقل الشرعي أو الرواية الإسلامية(3) لهذا العمر و(4)الرؤية الجيولوجية والبيولوجية في تحديد عمر الإنسان على الأرض

لكن ورد في منتديات عديدة ذكر عمر السلالاة وعمر الإنسان؟
وممّا ظهر لي التركيز على موضوع الجينات والمورِثات الجينية للإنسان عبر الأجيال المتتالية لمعرفة الإنتماء لهاته القبيلة أو تلك؛ وفاتهم الإنتباه -الإعتناء والتحقق- لحقيقة عـُـمر الإنسان من لدن أبوالبشرية سيِّدنا آدم عليه السلام

التنبيه على أن روايات الطبري ومن نقل عنه كالمؤرخ عبدالرحمان بن خلدون، لم يجدواْ رواية صحيحة ولكن أفضل ما استطاعواْ جمعه ومما قبلواْ روايته، كان من تاريخ ورد في نصوص التوراة وما ذكرته تواريخ الأمّم القديمة فارس والصين وملوكهم

فقال ابن خلدون عن الذي ارتضاه الطبري، منذ آدم عليه السلام، حوالي (5500)سنة -أقل من ستة ألاف سنة- قبل الميلاد. فتكون بعثت النبيّ صلّى الله عليه وسلم منتصف الألفية السادسة، والله أعلم.
فنقل ع.ابن خلدون في تاريخه (ج2/ص211)، في ختام كلامه عن الطبقة الرابعة من ملوك دولة الفرس ونهاية الأكاسرة وقبل الكلام عن دولة اليونان والروم فقال
ثم قال - الطبري- آخرها: فجميع سنيّ العالم من آدم إلى الهجرة على ما يزعمه اليهود (4642) أربعة ألاف سنة وستمائة واثنان وأربعون سنة؛
وعلى ما يَدعيه النصارى في توراة اليونانيين (5992) ستة آلاف سنة غير ثمان سنين؛
وعلى ما يقوله الفرس إلى مَقتَل يَـزْدجـرد (4180) أربعة آلاف ومائة وثمانون سنة

وأما عند أهل الإسلام فبين آدم ونوح عشرة قرون والقرن مائة سنة [(1.000)عام]،
وبين نوح وإبراهيم كذلك [(1.000)عام]، وبين إبراهيم وموسى كذلك [1.000عام]؛
ونقله الطبريّ عن ابن عباس وعن محمد بن عـَـمْـرو بن واقِد الإسلاميّ عن جماعة من أهل العلم. وقال أن الفترة بين عيسى وبين محمد صلّى الله عليه وسلم [وعليهم السلام] ستمائة سنة [600عام]، ورواه عن سلمان الفارسي وكعب الأحبار والله أعلم بالحق. انتهى عن ابن خلدون.

وبقي عليه ذكر المدة بين النبيّ موسى عليه السلام والنبيّ عيسى عليه السلام وهي حوالي تسعة عشر قرناً (1900)عاماً تقريباً، بينما كانت ولادة رسول الله صلّى الله عليه وسلم حوالي عام 571م بعد ميلاد عيسى عليه السلام وهي حوالي ستة قرون كما قال أعلاه.

فيكون المجموع حسب هذه الرواية الأخيرة لابن خلدون مع زيادة تسعة عشر قرناً تعطينا حوالي (5471)سنة أو خمسة آلاف وخمسمائة سنة من آدم عليه السلام للبعـثة النبوية فنكون اليوم في نهاية الألفية السابعة من لدن آدم عليه السلام
فلهذا البعض يقول نحن على هذه الأرض منذ حوالي 7.000عام أي بين سبعة ألاف عام وأقل من عشرة ألاف عام من سنّي هذا العالم البشري

وكذب الذين قالواْ بجماجم وهياكل عظمية بملايير السنين قد تكون لقردة داروين وأمثاله
ولا نخلط بين عمر الأرض وهي أقدم بكثير وبين عمر الإنسانية على هاته الأرض؛ إذ يقول علماء الجيولوجية بملايير السنين من عمر هاته الصخور والأرض
فيذكرون حوالي 4.5مليار سنة للأرض، ولقد قبله علماء الجيولوجيا عند في بلاد المسلمين لعدم تناقضه مع أي نص بل ذهب البعض إلى محاولة استنباطه من النقل، كما فعل المهتمون بالإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، من أمثال د.زغلول النجار و د.صبري وآخرون

وهو شيء ممكن لأننا لا نعرف حقيقة الأيام التي وردت في الخبر في خلق الأرض والسماوات ثم النبات والحيوان وهلم جراً وهذا موضوع آخر قد نأتي إليه لاحقاً بحول الله، لكي لا نتشعب بعيداً عن هذا المبحث في عمر الأرض وعمر الإنسان

فالذي جعلني أقحم نفسي في هذا البحث المتواضع والنقاش العلمي الحاد هذه الأيام هو عمر سلالات الإنسان وعمرها، والنقاشات العديدة على المنتديات في هدا الباب، ولست من أهل الإختصاص، خاصة وقد قرأت مقالات ومواضيع تقول ((بخصوص اعمار السلالات، بارك الله فيكم، السلالة e1b1 عمرها 60 الف سنة والj1 عمرها 10 الاف سنه فبتأكيد السلالة e ستضم العديد من الشعوب))اهــ

وسأنقل، لاحقاً بحول الله، قول بعض الدكاترة المختصين في تقدير عمر الأرض وهي أقدم من خلق آدم أبوالبشر عليه السلام
والسلام

بسم الله وماشاء الله وصلّى الله على سيِّدنا محمد، السلام عليكم

بارك الله قبولكم بعض ما نقلتُه لكم، عن تأريخ عمر الإنسان على الأرض وعمر الأرض، ولست صاحب جديد ومعرفة بتأريخ الإنسانية، كما قال لي أحد متصفحي النت يوماً ما، فلا وجود لنصوص قطعية تحدد هذا العمر، ما عدى روايات في باب الضعيف إستأنس بها الحافظ جلال الدين السيوطي وقبله الطبري

لكن الخطأ العلمي الذي وقع فيه بعض الإخوة الكرام، بمنتديات علمية عديدة للأسف، هو قول الكربون14 لقياس أزمنة ملايين السنين ! وهذا غير ممكن لأن الكربون14 وهو نظير الكربون12 فهو لتحديد أزمنة لا تتعدى 10.000عام أي حوالي عشرة ألاف سنة فقط. إخوتي إسمحواْ لجرأتي هنا، فهذا باب أظنني أفقهه لدراستي مادتي فزياء الذرة والفيزياء النووية بل مبادئ حتى لا أدعي علماً كبيراً فيهما والله أعلم

لكن اليورانيوم والبلوتونيوم هُما من العناصر التي يمكن ان تقيس أزمنة بالملايير من السنين، لأن من خاصية العناصر المُشِّعة ما يُسمى دور المادة المُشعة T demi-periode أي نصف حياة العنصر المُشع، ويُسميه البعض العمر-النصفي
فمثلاً مدة الإنشطار النصفي للنظائر المُشعة[1] أذكر منها، الكوبالت60، الفترة-النصفية تساوي حوالي 5سنوات فقط؛ فهي 138يوماً فقط لعنصر البولونيوم210؛ بينما لعنصر الراديوم226 فتصل 1620سنة، أي حوالي 16قرناًً. أما الأطول عمراً فعنصر اليورانيوم238 الذي تصل فترته-النصفية إلى 4.5مليار سنة(4.5*10أس9) يعني أكثر من 4ملايير سنة

وعملية التلاشي تخضع لدالة أسية تنازلية، ثابت الإضمحلال N=N0*exp(-Lt), L
ويرمز له الحرف الإغريقي "لامدا"

وقد قرأت عن إنسان تشاد وإنسان أولد فاي وإنسان الرباط، وعندنا وجدواْ جماجم بالأطلس وفي أفلو وسطيف بالجزائر. وقال د.محمد الطاهر العدواني: ..كما حاول بعض الباليـونتولوجيين إعادة تصنيف الإنسان القديم ودراسة عصور ما قبل التاريخ خاصة منطقة فلسطين التي تعتبر بالفعل مركزاً حيوياً للمنطقة الأفروعـربية حيث اكتشفت جماجم كجمجمة الجليل والسخول(الجديان).. وقيل أن مغارة شانيدار بالعراق أعطت تزميناً بالكربــون14، يصل إلى 70.000سنة[2] أي سبعين ألف سنة [؟خطأ في الطبع]؛ انتهى رغم الخطأ الفادح هذا لأنه تكرر في عدة مواضع من كتابه، والعهـدة على الراوي، صاحب الكِتاب، والله أعلم بالصواب رغم ما قلته أعلاه

لأن الصحيح الكربون14، عمر-النصف فترته هو5.570عاماً[1] أي خمسة ألاف وخمسمائة وسبعون عاماً فالظاهر أن بعض الكتب لا تنتبه للأخطاء المطبعية التي تؤدي لخطأ عـلـمي، والأدهَى الخطأ العلمي الذي يتكرر في عدة صفحات؛ لأن الرجل معذور، فهو مختص في علم الأثار، وبعيد عن الفيزياء الذرية. علماً أن د.محمد الطاهر العدواني قدم بحثاً جاداً أبعد منه كل المغالطات في التاريخ القديم لشمال-أفريقية منذ ماسمي بالحضارة اللّيبية القديمة

فأقدم القصص أو الأساطير لآلهة الأمّم المُشركة، منها قصة تيـامت الغول أو التنين، فبعد السومريين جاءت دولة البابليين فظهر في حكم حمورابي الوثائق المرقومة على الطين، وهي أولى القوانين البشرية المكتوبة، ثم جاء كهنة آشور وجعلواْ لهم إلاهاً بدلاً من مردوك..؛ وقصة الغول هي أقدم ما وجد، والتي وجدت مكتوبة، منذ ظهور الكتابة المسمارية، في ألواح ســومــر، منذ الألـف الرابعة قبل المـيلاد (4.000ق.م)[3]

ثم يقول الدكتور محمد الطاهر العدواني،[4] وما زال العلماء يجهدون أنفسهم من أجل الحصول على مقاييس زمنية دقيقة ولقد استنجدواْ بوسائل علمية لم تَـكن تَخطر على بال، مثل النظائر ذات النشاط الإشعاعي، وعلم الخصائص المغناطيسية.. فإن النظائر المُشعة لبعض الأجسام تتلاشَى تدريجياً، لكنها تتلاشى بقدر معلوم بالنسبة لكل فترة زمنية محددة، وبوتيرة ثابتة، تقاس بالبيكرل، أي إشعاع خلال الثانية الواحدة، فعند قياس كمية النشاط الإشعاعي الباقي في الجسم المُشِّع، نتحصل على الكمية التي تلاشت منه، وهذه تفيدنا بالفترة الزمنية التي إستغرقتها عملية هذا التلاشي. ومن جملة هذه النظائر المُشعة، الكربون14 الذي يُمكننا أن نحصلَ من خلال قياس نشاطه الإشعاعي المُـتبَـقي في الجسم، على تحديد زمني يصل إلى 55.000سنة (55ألف عام) [كذا؟]، [بل خمسة ألاف وخمسمائة عام تقريباً] كما يمكن قياس نظائر أخرى، كالأوكسوجين18 وغيره؛ انتهى بتصرف، وقد تكرر الخطأ للأسف

هذا ما حاولت استدراكه على المساهمة السابقة، وتوضيح إستعمال العناصر المُشعة لتقدير عمر البقايا البيولوجية وغيرها بواسطة الكربون14 أو غيره من العناصر؛ وأما قولهم إنسان النيانــدرتال والزمن الجيولوجي الرابع فهذا لكم أو لهم أهل الجيولوجيا وما جاورها وباعي قصير لكم الخط

وعذراً على التطفل وشكراً
ــــــــــــــــ
[1]مسائل في الفيزياء، إ.ايرودوف، ط.1983، ص325؛ وكتاب د.مكي الحسني، مدخل إلى الفيزياء النووية، ديوان المطبوعات الجامعية للجزائر، ط.1991، ص55
[2]د.محمد الطاهر العدواني، الجزائر في التاريخ، ج1: الجزائر منذ نشأة الحضارة(ما قبل التاريخ وفجر التاريخ)، المؤسسة الوطنية للكتاب، طبعة1984 الجزائر، ص، ص 105، 108
[3]نفس المصدر، ص43
[4]نفس المصدر ص60
والسلام

بسم الله وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله
السلام عليكم وشكراً لكما وتحية سيّدي محمد بلمعمر
أظن الكثير منا اليوم تأكد من الخطأ الواضح الذي وقع فيه بعض المؤلفين العرب سابقاً عندما خلطوا التاريخ بروايات غير دقيقة منها قول أغلبهم وللأسف أدخلوها في تفاسيرهم خطأ وسبحان من لا يخطأ ولا يسهى ولا ينام فقال الكثيرون أن ذي القرنين هو ألكسندر الأعظم، المقدوني - ماسيدونيا-(سابقاً بين صربيا وألبانيا) كما يسمونه أي ألكسندر مقدونيا الذي استولى على حكم بلاده ثم الأغريق فزحف لآسيا وهزم الفرس مروراً بسورية ولما وراء العراق وتوفي عن عمر 33سنة تقريباً حوالي عام 335ق.م أي نهاية القرن الرابع قبل الميلاد

لكن ليس هذا هو المعني في سورة الكهف لأن سورة الكهف تحدثنا عن رجل مومن واستولى على العالم شرقه وغربه بقوة الله ونور من الله وقد ذكره البعض أنه كان من بلدة تقع اليوم بين مصر وليبيا وأصله من سكان مصر وليبيا القديمتين وقد أكد هذا بعض علماء البلاد الإسلامية اليوم بعد دراسات جادة لكن لا أذكر الآن الفترة التي عاش فيها
والسلام

بسم الله وصلّى الله على سيِّدنا محمد وعلى آله
والسلام عليكم يوم مبارك
شكراً سيّدي محمد بلمعمر، وهو كذلك ننتظر من يساهم فيه بالمزيد

علماً أنني تابعت منذ سنوات قريبة فقط، في شريط وثائقي لا أذكر هل بقناتنا أو القـنوات الوثائقية، شريطاً تلفزياً حول تاريخ قرية بصحراء غرب مصر قريبة من حدود ليبيا قالواْ أنها الموطن الأصلي للرجل الصالح المذكور في القرءان باسم ذي القرنين

لعل الإخوة من مصر أو من ليبيا أو المتابعين للقنوات الوثائقية يُفيدونا بهذا

ويبقى دائماً موضوع عمر الإنسانية على الأرض وارد للنقاش وكذا عمر الأرض

والسلام عليكم

بسم الله وصلّى الله على سيِّدنا محمد وعلى آله

السلام عليكم سأعود لمبحث الأخير الذي أضافه السيّد محمد بلمعمر حفظكم الله، وهو زمن ذا القرنين؟ أو في أي عصر؟

فكما قلت أصح ما سمعته عنه للآن وخاصة مع الدراسات الحديثة وما يعضُدها من النصوص المنقولة وليست قطعية، على أنه ليس، الإسكندر- المقدوني- الذي إشتهر عند ابن إسحاق في السيرة، ولكنه رجل بلدته غرب صحراء مصر قريباً من حدود ليبيا ومصر

وأعود لمرجعة أهم النصوص الواردة في التفاسير وبعض شروح متن الحديث الشريف، أكتفي ببعض منها أولاً أقدمها وأشهرها صحة. ومن الآن أقول لم يَفصِلواْ بتأكيد للفترة التي عاش فيها. من التفاسير أكتفي الآن بمن ناقش وتكلم حول إسم ذي القرنين، ومتى عاش؟ وهما لب التساؤل الوارد أعلاه ضمن هذا الموضوع الذي عرضتُ فيه عمر الإنسانسة وعمر الأرض والفرق بينهما

سأنقل عن الطبري والقرطبي، علماً أن جل ماجاء عند الثاني-القرطبي- كان نقلاً عن الأول مع زيادة تعليق أحياناً على صحة أو ضعف الرواية. ومن شروح الحديث أنقل زبدة ما نقله الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري على شرح البخاري
فأما من التفسير فعند الطبري[1] قال
عن.. محمد بن إسحاق قال ثني بعض من يسوق أحاديث الأعاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم مما توارثواْ من علم ذي القرنين أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه والمتحيز [كذا؟] بن مردبة اليوناني من ولد .. يافث بن نوح .. عن خالد بن معدان الكلاعي وكان خالد رجلا قد أدرك الناس أن رسول الله سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب. قال خالد وسمع عمر بن الخطاب رجلا يقول يا ذا القرنين، فقال اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء حتى تسموا بأسماء الملائكة. فإن كان رسول الله قال ذلك فالحق ما قال والباطل ما خالفه .. انتهى بتصرف

والتفسير الثاني عند الإمام القرطبي[2] قال:
.. وذكر الطبري حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام أن ذا القرنين شاب من الروم وهو حديث واهي السند قاله ابن عطية، قال السهيلي والظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان أحدهما كان على عهد إبراهيم عليه السلام ويقال إنه الذي قضى لإبراهيم عليه السلام حين تحاكموا إليه في بئر السبع بالشام، والآخر أنه كان قريبا من عهد عيسى عليه السلام .. واختلفوا أيضا في وقت زمانه فقال قوم كان بعد موسى وقال قوم كان في الفترة بعد عيسى، وقيل كان في وقت إبراهيم وإسمعيل وكان الخضر عليه السلام صاحب لوائه الأعظم وقد ذكرناه في البقرة وبالجملة فإن الله تعالى مكنه وملكه ودانت له الملوك .. انتهى بتصرف

وأما الحافظ ابن حجر فأورد في فتح الباري[3]، كلامهما هذا مع زيادة وتمحيص بقوله:
.. وقال الزبير في أوائل كتاب النسب حدثنا إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل سمعت بن الكوا يقول لعلي بن أبي طالب أخبرني ما كان ذو القرنين قال كان رجلا أحب الله فأحبه بعثه الله إلى قومه .. فضربوه على قرنه حصول مات منها ثم بعثه الله فسمى ذو القرنين وعبد العزيز ضعيف ولكن توبع على أبي الطفيل أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه عن بن أبي حسين عن أبي الطفيل نحوه وزاد وناصح الله فناصحه وفيه لم يكن نبيا ولا ملكا وسنده صحيح سمعناه في الأحاديث المختارة للحافظ الضياء.. [3] اهـ

..وقال أيضاً.. وأخرج الزبير في كتاب النسب .. عن بن عباس قال ذو القرنين عبد الله بن الضحاك بن معد بن عدنان وإسناده ضعيف جدا لضعف عبد العزيز وشيخه وهو مباين لما تقدم أنه كان في زمن إبراهيم فكيف يكون من ذريته لا سيما على قول من قال كان بين عدنان وإبراهيم أربعون أبا أو أكثر ..[الخ].. وأما قول بن إسحاق الذي حكاه بن هشام عنه أن اسم ذي القرنين مرزبان .. فقد صرح بأنه الإسكندر ولذلك اشتهر على الألسنة لشهرة السيرة لابن إسحاق قال السهيلي والظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان أحدهما كان على عهد إبراهيم .. والآخر كان قريبا من عهد عيسى، قلت لكن الأشبه أن المذكور في القرآن هو الأول بدليل ما ذكر في ترجمة الخضر حيث جرى ذكره في قصة موسى قريبا أنه كان على مقدمة ذي القرنين وقد ثبتت قصة الخضر مع موسى وموسى كان قبل زمن عيسى قطعا، وتأتي بقية أخبار الخضر..[4] انتهى باختصار

قوله في الجملة الأخيرة: (قلتُ لكن الأشبه أن المذكور في القرءان هو الأول) اهـ، فهو يعني هنا ترجيحه وميله لقول أن ذا القرنين معاصر للنبيّ إبراهيم عليه السلام

كما نقل الأقوال التي تقول أن ذا القرنين من أصل عربي، وورد ذكره في أشعار كثيرة لم أنقلها لخروجها عن مبحث العصر الذي عاش فيه ويمكن الرجوع للكتب لمن أراد الإستزادة

فواضح هنا أن الثاني القريب من عهد عيسى عليه السلام هو الذي يقولون أنه الإسكندر المقدوني(ت324 ق.م) الذي توفي نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، بينما الأقرب لأصح الأسانيد أنه المعاصر للنبيّ إبراهيم عليه السلام

فباستعمال حسابات بسيطة اعتماداً على أحسن ما ورد في تأريخ الشخصيات والأعلام أعلاه، وهم الأنبياء عليهم السلام، فكما قلنا في الإفتتاح بين إبراهيم وموسى، على نبيّنا وعليهما السلام، عشرة قرون، والقرن مائة عام فيكون بينهما ألف سنة.

وبين موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام، حوالي(19ق) أي 1900سنة تقريباً، وهناك رواية -أظن عند المفسر الإمام الصاوي في حاشيته- حوالي(16ق) ستة عشر قرنا.

فيكون بين زمن إبراهيم عليه السلام، الذي عاصره ذو القرنين، وميلاد النبيّ عيسى عليه السلام حوالي (29قرناً) أي 2900سنة؛ أي بيننا -اليوم- وبينه حوالي 4900سنة

قد يقول قائل كيف جعلت القرن مائة عام؟ أقول عن الإمام الجلال السيوطي، في كتابه "الحاوي للفتاوي"، نقل القولين في القرن، وهما القرن مائة عام، وهو المعتمد عنده وعند غيره، والثاني القرن (120سنة) مائة وعشرون سنة
هذا بحول الله أحسن ما ورد عن زمن ذي القرنين، ومعاصريه من الأنبياء وتأريخهم وسنعود بحول الله لما سيستجِـد في موضوع عمر الإنسان وعمر الأرض والسلام

ـــــــــــــ
[1]تفسير الطبري، ج16، ص17
[2]تفسير القرطبي، ج11، ص47

[3]فتح الباري، شرح البخاري، للحافظ ابن حجر، ج6، ص383
[4]فتح الباري، المصدر السابق، ج6، ص384
والسلام