رحم الله من علمني ..

عادت  بي الذاكرة كمألوف عادتها  إلى أيام زمان ، يوم كانت  النفوس كبارا ، بعيدة  عن الغل والأحقاد ، يوم كانت للقرآن الكريم  ولحامليه مكانة  مرموقة جدا ، يوم كان  معلم القرآن  في مقدمة كافة الناس ، عادت بي الذاكرة  إلى تلك الأيام  التي عشناها  بالمسجد العتيق  بالحي الغربي أوائل الستينات وأواخر السبعينات ، أيْن كنت أتتلمذ على يد أخي المرحوم / الحاج معمر بن علية ، المولود  خلال سنة: 1939 بالأبيض سيدي الشيخ ، المتوفى يوم الخميس 20 أفريل سنة:1978 ، في يوم مشهود ، على  الساعة التاسعة صباحا ، لقد أحدثت وفاته  فراغا رهيبا  في العائلة ، ظل مُلاحظا إلى اليوم  ، وأحزن  فقدانـُه كافة طلابه  خاصة منهم سكان الحي الغربي ، أصدق إخواني القول أنني فخور به لأنه  كان ذا سيرة محبوبة لدى كل من عرفه ، وكان يحفظ القرآن الكريم  عن ظهر قلب ، وكان أول من علم يُمنايَ حمل القلم ، كما سبقت الإشارة ،  ولو كتب الله له البقاء لكان له شأن في الوسط الديني بشهادة كل من ربطته بهم صلة ، لكنها حكمة الخالق في خلقه ، لقد ودعنا  وهو شاب يافع " 39 سنة فقط "  ، في مقتبل العمر ، ودّعنا  إلى غير رجعة ، فلم أجد في العائلة السند الجدير بالاحتماء به  أو طلب العون المعرفي منه ، وظلت علامات الاستفهام تكبر أمامي وكلما سمعت شخصا يتلو آي الذكر الحكيم  إلا وعادت  بي الذاكرة  إلى تذكر ملامحه  وكيفية حمله للمصحف الشريف  وكيفية قراءته ، إنه  حزن يعتريني كلما أدركت أن الركن الركين للعائلة قد غاب عنا إلى أبد الآبدين ، منذ سنة:1978 لقد انطفأ مصباح  عائلتنا ، ولا أعتقد أن عائلتنا سيكون بإمكانها  إنجاب  شخص بمواصفاته الكثيرة والقمينة بكل التقدير والإحترام .
في ليلة القدر هذه المصادفة لهذا اليوم  الأحد:04 أوت 2013 ، اضرع إليه سبحانه أن يتغمده برحمته الواسعة  ويُسكنه  فسيح الجنان ،، وأدعو  من قرأ  هذه الأسطر  أن يحذو  حذوي في الدعاء وطلب الرحمة  لأخينا  و شيخنا .