همومُ المُدرسين

هذه القصيدة للأستاذ/ حلبي مصطفى من الشقيقة " سوريا " كان مُدرسا بثانوية محمد بلخير بالبيض بداية الثمانينات ، كتبت بالضبط بتاريخ:20 ماي 1982 ، كنا يومها من ضمن طلبة هذه الثانوية ، وقد وجدتها في أرشيفي الخاص ، إنها ممتعة و دالة على ما يعترض المُربي من هموم أثناء تأدية مهامه :


حطّمتُ أقلامي وبعتُ دَواتي ** لمّا وَضعتُ على الهضاب عَصاتي
وكـفرْتُ بالشعراء حتى نبيّهم ** وهَزئْتُ بالأعلام والــــــــــــنّكراتِ
في البَيّضِ الجرْداءِ زادتْ لوْعتي ** وخسرتُ إيماني بها وصَلاتي
+++++++
لمّا دخلتُ على الصّفُوفِ مُحيّياً ** وبذلتُ وجها دائمَ الـــــــبَســــــماتِ
خابتْ ظــــــنوني بالنفوسِ وأهلِها ** وأضعتُ في الأقسامِ كلَّ عِظاتي
اللّوحُ والطــــــبشورُ يُزهقُ مُهجتي ** والطالبُ المشغولُ بالهَمَـــسَاتِ
ناديتُ حتّى لُجَّ صــــوتي غُـــفّــلاً ** ما قيمةُ الإرشادِ عـــــــند غُـفَاةِ ؟؟
كأنّي أنادي الصّخر حين أحُثهمَ ** وكيف يُنادَى الصّخرُ بالكلماتِ ؟؟
+++++++
ما أسعدَ الطّلابَ حين خروجهم ** ما أتعسَ الطلاب في الحُجُرات !!!
هذا ينام وتلك تَـــعْـقد شَــــعْـرها **وهذا كـــــــــــئيبٌ حائــــرُ النظرات
العــــينُ ساهــــرةٌ لكل دنـــــيّــــــةٍ ** والـــــعين غافـــــــلةٌ عن الــصفحات ِ
جَرَسُ المساء يبثّ فيهم روحَـــــه ** كالصُّورِ يُحيي الأعــــظُم النّخِراتِ
فــــــيُعيد للأبْـــدان كل نــــشاطها ** ويُـــحرّرُ الفــــتــــــــــيانَ والفَــــــتيات
فـــتَــضِجّ بالــــضِّحْكات كلُّ ثـنيّـةٍ ** وتُـــــعانَـــقُ الـــــبَسَمَاتُ بالــــبَسماتِ
فإذا أُعيدوا للـــــصفوف تلبّـــدتْ ** وُجوهٌ كَلــَيْلٍ حَـــــالِكِ الــــــــظُّلُماتِ
+++++++
ولقد شرحت من النصوص قصائداً ** كـــاللؤلؤ الــــمكنونِ في الصَّدفات
وتَلَوْتُ شِـــــعرا للفَـــــــرَزْدَقِ مُحْكَماً ** مُـــــتماسكا كـــــــــالأدْرُبِ الوَعِراتِ

02
ما راعَني إلا ســـــؤالٌ مُـــــحْــــرجٌ ** مــــــن طــــالبٍ مُـــــــــتخابثِ النظرات ِ
يقولُ يا أستـــــــــاذُ ما لي ولــــلألىَ ** أمْـــــسَوْا تُــــراباً تــــحــــت كلّ صَفاةِ ؟؟
مات ابنُ سُلمى من قرون عديدةٍ ** أتـــفـــيـــــــــدُنا أشـــــعارُه النّحِـــــساتِ ؟؟
الناسُ في الأقمار حَطّـــوا رحالهم ** والــــــعُرْبُ تحْــــــدو العيسَ في الفَلَوَاتِ
إني سئمتُ من الخيول و وَصْفها ** وَ مَــــــــــلَلْتُ مَـــــــــدْحاً كَاذِباً لِطُــــــــغَاةِ
فأجبــــــــــــتُه إن العُروبـــــةَ زهرةٌ ** تُـــــــرْوَى بـــــــــتلكَ الأنـــــفسِ العَطِراتِ
شادوا لنا صَـــــرْحَ البـــــلاغة عاليا ** وسَــــقَـــوْا غِــــراسَ الـــــحُبّ بالــــــعَبَرات
وطَوتْهـــُمُ الأيّــــامُ إلاّ ذِكْـــــــــرَهُمُ ** مــــا زال حـــــيّاً طَــــاهِرَ الــــنّـــــــــفحاتِ
+++++++
أنزلتُ في البحْر الطويل مراكبي ** ونــــــــــــاديْتُ هَـــــــــيّا مَـــــــعْشَرَ الفتيات
فأجبْنــــني إن المــــــياهَ خطــيرةٌ ** والبَحْــــرُ وَحْشٌ عـــــابسُ الــــــــقَسمات
إذهب لوحدك ما لنا مــــن حاجةٍ ** لركوب هَـــذي الأبْـــــحُرِ الـــــــخَطراتِ
لا نُحسنُ التقــــطيعَ يا أســــــتاذنا ** بل نُحسنُ الهَــــــــمَسَات واللّــــفَــــــــتَاتِ
فقـــفزتُ في مَوْج العَروض مُناديا ** مُــــــــتفاعلن مُــــــــــتفاعلـــن فَـــــــــــعِلاتِ
فسمعتُ من أقصى المقاعد ضِحْكَةً ** وأنا صــــريعُ الــــــــهَمّ والــــــــــــحَسَراتِ
فَلَعَنْتُ حَظّي في الحياة ومهنتي ** وكرهــــــتُ في الــــــبيْضاء كـــــل حياتي
+++++++
فإذا رأيــــتُم بـــــعد ذلك جُـثـتي ** و ضـــللتُم عــــــن قــــــــــاتلي وعُــــــــداتي
فلتعلموا أن العـــدوّ عدوّكــــــــــم ** سيُصيبُــــكم بــــــــعدي بكــــــــــــــــل قناةِ
وتذكّروا أنّي سقطتّ مُــــــــــناضلا ** في وجْـــــه جَــــــهلٍ نافذِ الطّــــــــــــــعَنَاتِ

بقلم الأستاذ/ حلبي مصطفى . " سوريا الشقــيقـــــة "
انتقاء/ الشيخ قدور بن علية

نعم ، مُراقبة الأبناء أمر مطلوب و مُحبذ ، لكن هناك ما هو أهم ، خاصة عندما نعلم أن سلوكيات ومستوى بعض المعلمين والأساتذة لا يرقى إلى المستوى المطلوب في الجانب المعرفي وحتى من حيث الشكل الخارجي الذي يعكس المهابة ويفرض وُجُوبَ التوقير ، فبعض رجالات التربية لا يُكلف نفسه " أي هذا البعض " عناء البحث ، أو النقاش في الأمور المفيدة ، وهو المُطالب ـ قبل غيره ــ بإثارة المواضيع لتطوير مستواه وبالتالي إفادة تلاميذه ، إنني أستغرب هذه المظاهر السلبية ، التي لا يُمكن التغاضي عنها ، فهل يُمكن القول أن هذا النوع هو من قبيل الذي سقط سَـهْـواً في حياض المنظومة التربية ، دون سابق تمرين جيد و ممارسة مُرضية ؟؟؟ ، هناك من تجاوز العشرين سنة في التعليم وتجده يسأل عن أشياء بسيطة قد تجدها عند تلاميذه النجباء ، بل منهم من لا يقرأ حتى الجرائد اليومية وكأنه بلغ حد التخمة من كثرة ما قرأ وكتب ، متجاهلا أن العلم بحرٌ مترامي الأطراف ، لا ساحل له ، فإلى أين نحن سائرون ؟؟؟؟، العيب فيهم ، لا في الوزير فـُلان أو عَلان ، أو البرامج !!!.
كان الله في عون الجادّين منهم ، الشاعرين بالمسؤولية المُلقاة على كواهلهم ، عندما يتأملون ملامح البرآء من فتيان و فتيات كافة الأطوار التعليمية .. مع شكري على التفاعل .
أخوكم/ الشيخ قدور بن علية

CKB كتب:نعم ، مُراقبة الأبناء أمر مطلوب و مُحبذ ، لكن هناك ما هو أهم ، خاصة عندما نعلم أن سلوكيات ومستوى بعض المعلمين والأساتذة لا يرقى إلى المستوى المطلوب في الجانب المعرفي وحتى من حيث الشكل الخارجي الذي يعكس المهابة ويفرض وُجُوبَ التوقير ، فبعض رجالات التربية لا يُكلف نفسه " أي هذا البعض " عناء البحث ، أو النقاش في الأمور المفيدة ، وهو المُطالب ـ قبل غيره ــ بإثارة المواضيع لتطوير مستواه وبالتالي إفادة تلاميذه ، إنني أستغرب هذه المظاهر السلبية ، التي لا يُمكن التغاضي عنها ، فهل يُمكن القول أن هذا النوع هو من قبيل الذي سقط سَـهْـواً في حياض المنظومة التربية ، دون سابق تمرين جيد و ممارسة مُرضية ؟؟؟ ، هناك من تجاوز العشرين سنة في التعليم وتجده يسأل عن أشياء بسيطة قد تجدها عند تلاميذه النجباء ، بل منهم من لا يقرأ حتى الجرائد اليومية وكأنه بلغ حد التخمة من كثرة ما قرأ وكتب ، متجاهلا أن العلم بحرٌ مترامي الأطراف ، لا ساحل له ، فإلى أين نحن سائرون ؟؟؟؟، العيب فيهم ، لا في الوزير فـُلان أو عَلان ، أو البرامج !!!.
كان الله في عون الجادّين منهم ، الشاعرين بالمسؤولية المُلقاة على كواهلهم ، عندما يتأملون ملامح البرآء من فتيان و فتيات كافة الأطوار التعليمية .. مع شكري على التفاعل .
أخوكم/ الشيخ قدور بن علية

بورك فيك أخي الشيخ بن علية ، شعورنا متبادل حيال ما يجري في أروقة المؤسسات التعليمية ،، فعلا ، فالكل يتحجج ويسيء إلى المنظمومة التربوية ، والعكس صحيح ،، فمتى يرقى (بعض) أساتذتنا ومعلمينا إلى مستوى االمنظومة التربوية الحديثة ، التي أرى شخصيا أنها في المستوى المطلوب ، وأنها تجاري كل قواعد ومستجدات العولمة (كرها أو طواعية) ، فلا يمكن أن نستثني أنفسنا عن المستجدات المتسارعة في ظل النظام العالمي الجديد ، بكل أركانه.

لقد اصبحنا ، نحن أولياء التلاميذ نعاني من ضعف المدرسين ، وعدم قدرتهم على إيصال المعلومات وتلقينها للتلاميذ ،،وإن تحدثنا عن النشاطات اللاصفية ، الجديدة التي فرضتها وزارة التربية والتي أراها جد هامة ،، ترى مدرسينا (كلهم) يهتفون بعدم قدرتهم على فهمها ، أو أنهم ليسوا (فنانين أو راقصين) على حد تعبيرهم. فمن قال أن النشاطات اللاصفية هي الرقص والغناء؟؟؟؟ إنهم بكل بساطة لا يريدون إضافة برامج تقنية أخرى ، لربح الوقت ،، وهذا ما يزيد في تندي مستوى التلاميذ ، حتى لا أقول أن ثمرة نجاحهم (إن نجحوا) هي مجهودات أوليائهم لا أكثـــر.

صدَقتَ و أفـَدتّ ، ومن غش أبناء وبنات الجزائر فلا يُمكن أن يكون من صلب من قال عنها الفقيد/ مفدي زكرياء :

وقل الجزائر ، واصغ إن ذكِر اسْمُها *** تجدِ الجبابر ساجــــــدين و رُكـّـعا
إن الجزائر فــــــــي الوجــــود رسالة *** الشعبُ حَررها و ربّك وَقـــّــــعا

يا اخي لاتقل هموم ففي هذه الهموم الاجر الكثير لان من اوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا

السلام عليكم، لقد نقل لنا الأستاذ الشيخ بن علية، وفقه الله ، بأمانة،
أهات وهموم أستاذه الحلبي ، ذكرناه بالخير، والله يرحمه على تلك الكلمات. كبف لا وهو بموطن الثوار والشعر الملحون والفصيح، وفي ثانوية الشاعر المجاهد محمد بلخير رحمه الله وطيب ثراه، ثم يجابهه تلامذته بالتململ من قول الشعر وفنونه- ولو ان التلميذ عبر عن أهات أخرى هي توارث صناعة الكلمة عند العرب وتغافلهم عن صناعة الآلة والسلاح. كما جاء:

ما راعَني إلا ســـــؤالٌ مُـــــحْــــرجٌ ** مــــــن طــــالبٍ مُـــــــــتخابثِ النظرات ِ
يقولُ يا أستـــــــــاذُ ما لي ولــــلألىَ ** أمْـــــسَوْا تُــــراباً تــــحــــت كلّ صَفاةِ ؟؟
مات ابنُ سُلمى من قرون عديدةٍ ** أتـــفـــيـــــــــدُنا أشـــــعارُه النّحِـــــساتِ ؟؟
ثم قولهم:
إذهب لوحدك ما لنا مــــن حاجةٍ ** لركوب هَـــذي الأبْـــــحُرِ الـــــــخَطراتِ
لا نُحسنُ التقــــطيعَ يا أســــــتاذنا ** بل نُحسنُ الهَــــــــمَسَات واللّــــفَــــــــتَاتِ
فقـــفزتُ في مَوْج العَروض مُناديا ** مُــــــــتفاعلن مُــــــــــتفاعلـــن فَـــــــــــعِلاتِ

اهـ، عن أبيات الأستاذ مصطفى حلبي؛ وهي قصيدة تربوية بلا شك.
فهي حقاً هموم، من الهَـمِّ ومن الإهتِـمام أيضاً، مصداقاً لقول رسول الله عليه السلام" ليس منا من لم يهتم بأمر المسلمين" أو كما قال عليه السلام
فانا أرى أن الأستاذ- لمادة اللغة- كان صادقاً، و هاله موقف بعض تلامذته، وله الحق في الإستياء من سليبتهم أثناء الدرس؛ لكن الظاهر أن التلميذ المتقزز من قرض الشعر كان مهوساً بالتكنولوجيا وسيطرت أصحابها على قرارات عالمنا الحاضر، وكان عنده حساً سياسياً نوعا ما.
وقد مر بثانوية محمد بلخير بالبيض، أخي عزالدين حوالي عام1983م فذاق طعم الثلج وأهاته؛ والله يجمع أمورنا في الخير

صبرا جميلا ما اقرب الفرج ***** من راقب الله في الامور نجا
من صدق الله لم ينله اذى ***** ومن رجاه يكون حيث رجا