المواضيع الأخيرة
لا تنسوا أن تتصفحوا أيضا بعض أقسام المنتدى:
بوابة الخواطر الأدبية للكاتب ش ق بن عليةبحـث
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 29 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 29 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 634 بتاريخ الثلاثاء 4 سبتمبر 2012 - 22:39
أهلا وسهلا ومرحبا بكم في رحاب سيدي الشيخ
شهــر رمضـــــــان.. بينات من الهدى والفرقـــــــــان..
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
شهــر رمضـــــــان.. بينات من الهدى والفرقـــــــــان..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، وصلى الله على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلّم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخواني الأفاضل، جميل أن نجتمع سوياً في هذا الشهر المبارك، نتذاكر فيه، ونغترف جميعاً من فيض الله، ونملأ صدورنا من نفحاته سبحانه، حيث يقول حبيب قلوبنا سيدنا محمد "صلى الله على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلّم" : (إنّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرّضوا لها)، وليس أرجى لهذه النفحات الطيبات من هذا الشهر المبارك، رزقنا الله وإياكم صيامه وقيامه على أكمل ما يمكن.. آمين..
لذا، فقد رأيتُ الفقير أن يكون هذا اللقاء اليومي -إن شاء الله- هو لقاء في فضائل هذا الشهر ونفائسه وأسراره ولطائفه، ننهل من كنه سرّه، ونتعرّض إلى قبساتٍ من مديد خيره، لتزداد الهمّة العليّة، وترقى فيه الأرواح الزكيّة، مراعين البساطة في القول، وسلاسة الإيجاز وصفاء الفصل..
واللهَ مولاي أسأل أن يكون هذا الموضوع خالصاً لوجهه الكريم، نافعاً لكل طامح، ولا تنسوا الفقير من الدعاء الصالح، والله ولي التوفيق..
1- لطائف قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)..
بدأ الحق في هذه الآية بذكر هذا الشهر العظيم المبارك، وقدّمه في القول تشريفا، والحق سبحانه هو المُقدّم وهو المؤخر، فإن قدّم ذكر الشيء في معرض التكريم فهو تقديم مكانة، فكانت إشارة إلى علو مكانة هذا الشهر العظيم بين الأشهر..
ولم يذكر الحق سبحانه شهراً في القرآن باسمه إلاّ شهر رمضان، فإفراده بالذكر على الخصوص هو تخصيص لهذا الشهر بأنوار التفريد التي يشهدها المفرّدون لأنه شهر الله سبحانه وما يكون به هو لله وحده (إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)..
كذلك فإنه سبحانه لم يبدأ الآية باسم الشهر مباشرة كأن يقول (رمضان الذي أُنزل فيه القرآن) بل أضافه لكلمة (شهر) دلالة على شرفه بين الأشهر كما قلنا حتى أنه يفضل الأشهر الحرم في الصوم، لقوله : (أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم)، فضلاً على أنه قد كُتب فيه الصيام وفرض لقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ولا يخفى فضل الفرض على النفل، يقول جلّ وعلا في الحديث القدسي: (ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضتُ عليه)..
فلمّا أشار إلى فضل هذا الشهر وخصوصيته بين الأشهر، وصله بخاصية أخرى بديعة فقال: (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ).. وأحبّ أن أنوّه هنا إلى أمر هام، فإنّ الكثيرين يعتقدون بأنّ شهر رمضان لم يفضل إلاّ بنزول القرآن فيه، ولكن هذه الآية تنفي ذلك الاعتقاد، فإنّ جملة (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ) هي جملة صلة أتت في محلّ الصفة، والصفة تابعة للموصوف لا مقيّدة له، فكانت بذلك خصوصية رمضان هي خصوصية ذاتية فيه، وكان شرفه هو بتشريف الله العظيم له من قبل أن ينزل القرآن فيه، ولكن لمّا أراد الحق سبحانه أن ينزل القرآن العظيم، فإنه سبحانه جلّ جلاله قد اختار لكلامه أفضل الخلق: محمداً ، واختار له أشرف البقاع: مكة شرفها الله، واختار له أفضل الملائكة: جبريل ، واختار له أفضل الأزمان: شهر رمضان المبارك، فرمضان هو شهر القرآن، فهنيئاً لنا ولكم بالقرآن في شهر رمضان..
ولمّا كانت جملة الصلة: (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ) هي في محل نعتٍ لهذا الشهر الكريم كانت لازمة له، فإن الصفة تلزم الموصوف، لذا فإنّ تنزّل القرآن يكون مصاحباً لهذا الشهر لا ينقطع عنه.. ومع أنّ الفعل ظاهره في الزمن الماضي ولكنه مستمر باستمرار القرآن، وماضيه في تنزّله إلى السماء الدنيا، واستمراريته في تنزّله إلى سماء الأفئدة، ولكنّ هذا التنزّل يكون على القلوب بأنوار المعاني، يقول تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (.) عَلَى قَلْبِكَ).. فمن هذه الآية فهمنا أنّ أنوار التنزيل على القلوب الصافية لا تنقطع في هذا الشهر الكريم، ويشعر بذلك العوام فضلاً عن الخواص، فإنّ لتلاوة القرآن في هذا الشهر ذوقاً مختلفاً عن بقية الأشهر والأزمان، وكأنّ أنوار الآيات هي جزء من أنوار هذا الشهر الكريم، وكأنّ معانيها قد امتزجت به؛ لدرجة أنك تمرّ على بعض الآيات فتشعر أنك لأول مرة تقرؤها..
ثم نأتي إلى الفعل (أُنزِلَ)، ونلاحظ أن الحق سبحانه قد استخدم صيغة المبني للمجهول، فغاب الفاعل من الجملة، وهو الفاعل سبحانه، وهو الذي نزّل القرآن لقوله: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ)، وغيّب نفسه في الآية جلّ جلاله تشريفاً لهذا الشهر، فإنه لو قال: (شهر رمضان الذي أنزل الله فيه القرآن) لكان ظهور اسمه فصلاً بين أنوار شهر رمضان ونزول أسرار القرآن، وخفاء اسمه سبحانه هو ظهور تجليات الألوهية الخفية عن الخلق في هذا الشهر العظيم، وسنتحدث عن ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى..
وقوله (فيه) دلّ على أنّ شهر رمضان هو وعاء، وكلّ ما كان لله فهو وعاء لأنوار الله، فذاك قلب المؤمن هو وعاء سرّ الحضرة العليّة، يقول تعالى في الحديث القدسي: (لم تسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن) وذلك أنّ قلب المؤمن هو له سبحانه، لا يعرف سواه، فكان بذلك وعاءً لأسرار الحق؛ لذا فإنّ شهر رمضان المبارك لمّا كان لله خالصاً لأنّ الصوم لله وهو يجزي به، استحقّ أن يكون وعاءً لأنوار وأسرار القرآن العظيم.. وهكذا أنت أيها المؤمن إن أخلصتَ لله في هذا الشهر، وأفردته سبحانه بالعبودية، وجعلتَ قلبك لله وحده نلتَ شرف هذا التنزّل القرآني على قلبك الإنساني، والله تعالى أعلم..
http://rubat.com
(يتبع ما تبقى من لطائف الآية إن شاء الله تعالى)
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، وصلى الله على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلّم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخواني الأفاضل، جميل أن نجتمع سوياً في هذا الشهر المبارك، نتذاكر فيه، ونغترف جميعاً من فيض الله، ونملأ صدورنا من نفحاته سبحانه، حيث يقول حبيب قلوبنا سيدنا محمد "صلى الله على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلّم" : (إنّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرّضوا لها)، وليس أرجى لهذه النفحات الطيبات من هذا الشهر المبارك، رزقنا الله وإياكم صيامه وقيامه على أكمل ما يمكن.. آمين..
لذا، فقد رأيتُ الفقير أن يكون هذا اللقاء اليومي -إن شاء الله- هو لقاء في فضائل هذا الشهر ونفائسه وأسراره ولطائفه، ننهل من كنه سرّه، ونتعرّض إلى قبساتٍ من مديد خيره، لتزداد الهمّة العليّة، وترقى فيه الأرواح الزكيّة، مراعين البساطة في القول، وسلاسة الإيجاز وصفاء الفصل..
واللهَ مولاي أسأل أن يكون هذا الموضوع خالصاً لوجهه الكريم، نافعاً لكل طامح، ولا تنسوا الفقير من الدعاء الصالح، والله ولي التوفيق..
1- لطائف قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)..
بدأ الحق في هذه الآية بذكر هذا الشهر العظيم المبارك، وقدّمه في القول تشريفا، والحق سبحانه هو المُقدّم وهو المؤخر، فإن قدّم ذكر الشيء في معرض التكريم فهو تقديم مكانة، فكانت إشارة إلى علو مكانة هذا الشهر العظيم بين الأشهر..
ولم يذكر الحق سبحانه شهراً في القرآن باسمه إلاّ شهر رمضان، فإفراده بالذكر على الخصوص هو تخصيص لهذا الشهر بأنوار التفريد التي يشهدها المفرّدون لأنه شهر الله سبحانه وما يكون به هو لله وحده (إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)..
كذلك فإنه سبحانه لم يبدأ الآية باسم الشهر مباشرة كأن يقول (رمضان الذي أُنزل فيه القرآن) بل أضافه لكلمة (شهر) دلالة على شرفه بين الأشهر كما قلنا حتى أنه يفضل الأشهر الحرم في الصوم، لقوله : (أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم)، فضلاً على أنه قد كُتب فيه الصيام وفرض لقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ولا يخفى فضل الفرض على النفل، يقول جلّ وعلا في الحديث القدسي: (ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضتُ عليه)..
فلمّا أشار إلى فضل هذا الشهر وخصوصيته بين الأشهر، وصله بخاصية أخرى بديعة فقال: (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ).. وأحبّ أن أنوّه هنا إلى أمر هام، فإنّ الكثيرين يعتقدون بأنّ شهر رمضان لم يفضل إلاّ بنزول القرآن فيه، ولكن هذه الآية تنفي ذلك الاعتقاد، فإنّ جملة (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ) هي جملة صلة أتت في محلّ الصفة، والصفة تابعة للموصوف لا مقيّدة له، فكانت بذلك خصوصية رمضان هي خصوصية ذاتية فيه، وكان شرفه هو بتشريف الله العظيم له من قبل أن ينزل القرآن فيه، ولكن لمّا أراد الحق سبحانه أن ينزل القرآن العظيم، فإنه سبحانه جلّ جلاله قد اختار لكلامه أفضل الخلق: محمداً ، واختار له أشرف البقاع: مكة شرفها الله، واختار له أفضل الملائكة: جبريل ، واختار له أفضل الأزمان: شهر رمضان المبارك، فرمضان هو شهر القرآن، فهنيئاً لنا ولكم بالقرآن في شهر رمضان..
ولمّا كانت جملة الصلة: (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ) هي في محل نعتٍ لهذا الشهر الكريم كانت لازمة له، فإن الصفة تلزم الموصوف، لذا فإنّ تنزّل القرآن يكون مصاحباً لهذا الشهر لا ينقطع عنه.. ومع أنّ الفعل ظاهره في الزمن الماضي ولكنه مستمر باستمرار القرآن، وماضيه في تنزّله إلى السماء الدنيا، واستمراريته في تنزّله إلى سماء الأفئدة، ولكنّ هذا التنزّل يكون على القلوب بأنوار المعاني، يقول تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (.) عَلَى قَلْبِكَ).. فمن هذه الآية فهمنا أنّ أنوار التنزيل على القلوب الصافية لا تنقطع في هذا الشهر الكريم، ويشعر بذلك العوام فضلاً عن الخواص، فإنّ لتلاوة القرآن في هذا الشهر ذوقاً مختلفاً عن بقية الأشهر والأزمان، وكأنّ أنوار الآيات هي جزء من أنوار هذا الشهر الكريم، وكأنّ معانيها قد امتزجت به؛ لدرجة أنك تمرّ على بعض الآيات فتشعر أنك لأول مرة تقرؤها..
ثم نأتي إلى الفعل (أُنزِلَ)، ونلاحظ أن الحق سبحانه قد استخدم صيغة المبني للمجهول، فغاب الفاعل من الجملة، وهو الفاعل سبحانه، وهو الذي نزّل القرآن لقوله: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ)، وغيّب نفسه في الآية جلّ جلاله تشريفاً لهذا الشهر، فإنه لو قال: (شهر رمضان الذي أنزل الله فيه القرآن) لكان ظهور اسمه فصلاً بين أنوار شهر رمضان ونزول أسرار القرآن، وخفاء اسمه سبحانه هو ظهور تجليات الألوهية الخفية عن الخلق في هذا الشهر العظيم، وسنتحدث عن ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى..
وقوله (فيه) دلّ على أنّ شهر رمضان هو وعاء، وكلّ ما كان لله فهو وعاء لأنوار الله، فذاك قلب المؤمن هو وعاء سرّ الحضرة العليّة، يقول تعالى في الحديث القدسي: (لم تسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن) وذلك أنّ قلب المؤمن هو له سبحانه، لا يعرف سواه، فكان بذلك وعاءً لأسرار الحق؛ لذا فإنّ شهر رمضان المبارك لمّا كان لله خالصاً لأنّ الصوم لله وهو يجزي به، استحقّ أن يكون وعاءً لأنوار وأسرار القرآن العظيم.. وهكذا أنت أيها المؤمن إن أخلصتَ لله في هذا الشهر، وأفردته سبحانه بالعبودية، وجعلتَ قلبك لله وحده نلتَ شرف هذا التنزّل القرآني على قلبك الإنساني، والله تعالى أعلم..
http://rubat.com
(يتبع ما تبقى من لطائف الآية إن شاء الله تعالى)
فقير بوشيخي- عضو مميز
- عدد الرسائل : 1413
الموقع : www.cheikhiyya.com
نقاط : 7337
تاريخ التسجيل : 29/04/2008
رد: شهــر رمضـــــــان.. بينات من الهدى والفرقـــــــــان..
شكرا على المساهمة ، وعودة محمودة إلى منتداكم ، إن شاء الله
رد: شهــر رمضـــــــان.. بينات من الهدى والفرقـــــــــان..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، وصلى الله على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلّم..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أكرمكم الله أخي الفاضل سيدي (CHIKH)، أثنى عليكم بما هو أهله، وملأ قلوبكم بصافيات كرامات نوره، وأعلى منازلكم في عاليات درجات جناته وقصوره، وجمعنا سوية تحت لواء الحمد، مع سيدنا ونبينا أحمد ، وأخوانه الأنبياء وأصحابه أهل الصفاء والسادة الأولياء عليهم جميعاً السلام من الله، بحق هذا الشهر الفضيل، دعاءً موصولاً بجميع المحبين، والحمد لله رب العالمين.. ونكمل ما ابتدأناه من لطائف، فنقول وبالله التوفيق:
================================
وقوله تعالى: (هُدًى لِلنَّاسِ) هو خبر المبتدأ، فكأنه يقول سبحانه: (شهر رمضان هدىً للناس)، وهنا خاصية عظيمة من خواص هذا الشهر العظيم، وهي أنه هدى، والحق سبحانه إذا أطلق الأمر دلّ ذلك على عمومه وشموله، فالهدى اسم يدل على حصول الصواب والاستقامة ووضوح الرؤية، فكان رمضان بذلك شهر الهداية الشاملة..
والعجيب أن الحق دائماً ينسب الهدى للصالحين من عباده على وجه الخصوص، لأن الهدى نابع من النور، فكيف يهتدي من لا نور له؟! ولكن نجد أن الحق سبحانه في هذه الآية قد عمّم هذا الهدى ليشمل جميع الناس مسلمهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم، وهذا لا يكون إلاّ في شهر رمضان..
فشهر رمضان هو شهر من الشهور، وزمان من الأزمنة، إن حلّ فإنه يحلّ على العالم بأسره، وإنه لمّا كان لهذا الشهر فضائله المستودعة فيه وخيراته الكامنة في ذاته كشهر عظيم مبارك، فإنّ بركته تشمل الناس كلّهم، كما الغيث إذا أصاب الأرض فإنه يشمل التقي والزنديق.. ومن هنا كان هذا الشهر شهر الخير على الكلّ، ولكن من يعمل فيه ويخلص يجني ثماره وينعم بخيراته، أمّا من شاهد هذا الغيث واكتفى بالنظر إليه من بعيد فليس له إلاّ النظر، فكلّ امرئٍ يأخذ من هذا الشهر على قدر عمله وإخلاصه وجهده، ولهذا فقد كان رسول الله يجتهد في هذا الشهر ما لا يجتهد في غيره، وهذا ليس إلاّ لما بينّاه من الأمر..
إنّ الناس على اختلاف معتقداتهم ليصيبهم الخير في هذا الشهر، وهذا ما استفدناه من قوله تعالى (هُدًى لِلنَّاسِ)؛ لأنّ الهدى كما قلنا اسم شامل لأمور عدّة، فمن الهدى هدى القلب، ومن الهدى هدى العقل، ومن الهدى هدى البصر، وهكذا..
ولاحظ في هذه الآية الكريمة أنه سبحانه لم يفصل بين كلمة (قرآن) وكلمة (هدى)، وكأنه سبحانه يشير إلى أنّ هذا القرآن (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، لهذا فكان قرآن رمضان له خصوصية كما لقرآن الفجر خصوصية، فإنّ الهدى وإن كان عامّا في رمضان للكلّ، فإنّه يصبح خاصاً لأهل القرآن الذين يحرصون على تلاوة القرآن في هذا الشهر المبارك، فإنّ الحق سبحانه يزيدهم هدىً على هداهم، بل وينالون خصوصية القرآن التي استودعها الله في هذا الشهر الفضيل..
وبعد أن تحدّث الحق سبحانه عن الفضل العام في هذا الشهر، فإنه يأتي إلى التخصيص، فيقول سبحانه: (وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).. فرمضان هو هدىً للناس ولكنه بينات من ذلك الهدى لأهل رمضان..
والحق الآن يخصص ذلك الهدى بعد أن عمّمه، فكأنه يقول سبحانه: إن ذلك الهدى العام الذي جعلته لجميع الناس ببركة هذا الشهر، فإنني أجعله بينات لأهل الصيام.. وذلك أنّ الكثير من الناس لا يعلمون أن الخير الذي يصيبهم في هذا الشهر هو من بركة هذا الشهر، فقد عمي عليهم الأمر مع أنهم قد أصابهم حظّ منه.. أمّا أهل الطاعات في هذا الشهر الكريم فقد جعل الله لهم تبياناً ليعلموا فضل الله عليهم..
وهذه البيّنات هي من أمرين: الهدى والفرقان، والهدى هنا هو النور الذي يملأ قلوبهم وصدورهم، والفرقان هو العمل بذلك النور الذي هداهم به..
والهدى هو نتاج الصوم في شهر رمضان، والفرقان هو نتاج تلاوة القرآن فيه.. فإنّ القرآن قد نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثمّ بدأ يتنزّل بالوحي منجّماً في أحداث وغير ذلك، يقول تعالى: (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا)، فنور القرآن مجمل، ونور الفرقان مفصّل.. ونور القرآن ينير ذاتك، ونور الفرقان ينير طريقك.. فالفرقان هو آيات القرآن إذا تدبرتها وعملتَ بها..
فإنّ المسلم لمّا صام رمضان متعاهداً تلاوة القرآن أورثه ذلك خيراً عظيماً، ولانعكس فضل هذا العمل على حياته وسلوكه، فصار طريقه مُُناراً، وأمره مُسترشَداً، ولذلك فإنّ رسول الله قد لخّص الأمر بقوله: (لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن تكون السنة كلّها رمضان)..
أرجو المسامحة على الإطالة، وما بقي في فضائل رمضان يحتاج إلى أيام ولن نحصي نواله، والله الهداي إلى الصواب، وهو المتفضل بالخير المصباب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أكرمكم الله أخي الفاضل سيدي (CHIKH)، أثنى عليكم بما هو أهله، وملأ قلوبكم بصافيات كرامات نوره، وأعلى منازلكم في عاليات درجات جناته وقصوره، وجمعنا سوية تحت لواء الحمد، مع سيدنا ونبينا أحمد ، وأخوانه الأنبياء وأصحابه أهل الصفاء والسادة الأولياء عليهم جميعاً السلام من الله، بحق هذا الشهر الفضيل، دعاءً موصولاً بجميع المحبين، والحمد لله رب العالمين.. ونكمل ما ابتدأناه من لطائف، فنقول وبالله التوفيق:
================================
وقوله تعالى: (هُدًى لِلنَّاسِ) هو خبر المبتدأ، فكأنه يقول سبحانه: (شهر رمضان هدىً للناس)، وهنا خاصية عظيمة من خواص هذا الشهر العظيم، وهي أنه هدى، والحق سبحانه إذا أطلق الأمر دلّ ذلك على عمومه وشموله، فالهدى اسم يدل على حصول الصواب والاستقامة ووضوح الرؤية، فكان رمضان بذلك شهر الهداية الشاملة..
والعجيب أن الحق دائماً ينسب الهدى للصالحين من عباده على وجه الخصوص، لأن الهدى نابع من النور، فكيف يهتدي من لا نور له؟! ولكن نجد أن الحق سبحانه في هذه الآية قد عمّم هذا الهدى ليشمل جميع الناس مسلمهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم، وهذا لا يكون إلاّ في شهر رمضان..
فشهر رمضان هو شهر من الشهور، وزمان من الأزمنة، إن حلّ فإنه يحلّ على العالم بأسره، وإنه لمّا كان لهذا الشهر فضائله المستودعة فيه وخيراته الكامنة في ذاته كشهر عظيم مبارك، فإنّ بركته تشمل الناس كلّهم، كما الغيث إذا أصاب الأرض فإنه يشمل التقي والزنديق.. ومن هنا كان هذا الشهر شهر الخير على الكلّ، ولكن من يعمل فيه ويخلص يجني ثماره وينعم بخيراته، أمّا من شاهد هذا الغيث واكتفى بالنظر إليه من بعيد فليس له إلاّ النظر، فكلّ امرئٍ يأخذ من هذا الشهر على قدر عمله وإخلاصه وجهده، ولهذا فقد كان رسول الله يجتهد في هذا الشهر ما لا يجتهد في غيره، وهذا ليس إلاّ لما بينّاه من الأمر..
إنّ الناس على اختلاف معتقداتهم ليصيبهم الخير في هذا الشهر، وهذا ما استفدناه من قوله تعالى (هُدًى لِلنَّاسِ)؛ لأنّ الهدى كما قلنا اسم شامل لأمور عدّة، فمن الهدى هدى القلب، ومن الهدى هدى العقل، ومن الهدى هدى البصر، وهكذا..
ولاحظ في هذه الآية الكريمة أنه سبحانه لم يفصل بين كلمة (قرآن) وكلمة (هدى)، وكأنه سبحانه يشير إلى أنّ هذا القرآن (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، لهذا فكان قرآن رمضان له خصوصية كما لقرآن الفجر خصوصية، فإنّ الهدى وإن كان عامّا في رمضان للكلّ، فإنّه يصبح خاصاً لأهل القرآن الذين يحرصون على تلاوة القرآن في هذا الشهر المبارك، فإنّ الحق سبحانه يزيدهم هدىً على هداهم، بل وينالون خصوصية القرآن التي استودعها الله في هذا الشهر الفضيل..
وبعد أن تحدّث الحق سبحانه عن الفضل العام في هذا الشهر، فإنه يأتي إلى التخصيص، فيقول سبحانه: (وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).. فرمضان هو هدىً للناس ولكنه بينات من ذلك الهدى لأهل رمضان..
والحق الآن يخصص ذلك الهدى بعد أن عمّمه، فكأنه يقول سبحانه: إن ذلك الهدى العام الذي جعلته لجميع الناس ببركة هذا الشهر، فإنني أجعله بينات لأهل الصيام.. وذلك أنّ الكثير من الناس لا يعلمون أن الخير الذي يصيبهم في هذا الشهر هو من بركة هذا الشهر، فقد عمي عليهم الأمر مع أنهم قد أصابهم حظّ منه.. أمّا أهل الطاعات في هذا الشهر الكريم فقد جعل الله لهم تبياناً ليعلموا فضل الله عليهم..
وهذه البيّنات هي من أمرين: الهدى والفرقان، والهدى هنا هو النور الذي يملأ قلوبهم وصدورهم، والفرقان هو العمل بذلك النور الذي هداهم به..
والهدى هو نتاج الصوم في شهر رمضان، والفرقان هو نتاج تلاوة القرآن فيه.. فإنّ القرآن قد نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثمّ بدأ يتنزّل بالوحي منجّماً في أحداث وغير ذلك، يقول تعالى: (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا)، فنور القرآن مجمل، ونور الفرقان مفصّل.. ونور القرآن ينير ذاتك، ونور الفرقان ينير طريقك.. فالفرقان هو آيات القرآن إذا تدبرتها وعملتَ بها..
فإنّ المسلم لمّا صام رمضان متعاهداً تلاوة القرآن أورثه ذلك خيراً عظيماً، ولانعكس فضل هذا العمل على حياته وسلوكه، فصار طريقه مُُناراً، وأمره مُسترشَداً، ولذلك فإنّ رسول الله قد لخّص الأمر بقوله: (لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن تكون السنة كلّها رمضان)..
أرجو المسامحة على الإطالة، وما بقي في فضائل رمضان يحتاج إلى أيام ولن نحصي نواله، والله الهداي إلى الصواب، وهو المتفضل بالخير المصباب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
http://rubat.com
(يتبع إن شاء الله تعالى)
فقير بوشيخي- عضو مميز
- عدد الرسائل : 1413
الموقع : www.cheikhiyya.com
نقاط : 7337
تاريخ التسجيل : 29/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 26 يوليو 2022 - 10:36 من طرف دين نعيمي
» من يعرف لنا المكاحلية ؟؟
الخميس 21 يناير 2021 - 15:10 من طرف الدين
» من شيوخ سيدي الشيخ
الخميس 21 يناير 2021 - 8:39 من طرف الدين
» ممكن شجرة سيدي حمزة بن بوبكر قائد ثورة أولاد سيدي الشيخ ؟
الخميس 21 يناير 2021 - 6:17 من طرف الدين
» قراءة في كتاب "الوسيط في تاريخ أدباء شنقيط" لأحمد الشنقيطي وبوبكرية الأقلال فقط
الأربعاء 25 نوفمبر 2020 - 18:23 من طرف chikh
» لماذا تجاهل المؤرخون هذه الفترة من حياة سيدى الشيح ؟!
السبت 4 أبريل 2020 - 22:02 من طرف mahmoudb69
» شجرة أولاد سيدي محمد بن عبد الله
السبت 4 يناير 2020 - 5:54 من طرف الدين
» من روائع محمد ولد بلخير
الجمعة 29 نوفمبر 2019 - 11:30 من طرف دين نعيمي
» سيدي أحمد المجدوب
الجمعة 11 أكتوبر 2019 - 15:30 من طرف Azziz
» صدور كتاب جديد.....
الأربعاء 9 أكتوبر 2019 - 14:24 من طرف Azziz
» ممكن التواصل مع الأستاذ سي بلمعمر
الإثنين 7 أكتوبر 2019 - 23:43 من طرف Azziz
» الرحال اللاجئون قديما
الجمعة 27 سبتمبر 2019 - 19:18 من طرف Azziz
» المرحوم / الحاج محمد عدناني في سطور
الثلاثاء 26 فبراير 2019 - 11:59 من طرف محمد بلمعمر
» كيف أتأكد من أنني أنتمي إلى قبيلة سيدي الشيخ?
الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 22:00 من طرف manadh
» المنن في مناقب سيدي محمد بن عبد الرحمان
السبت 26 مايو 2018 - 5:43 من طرف الدين
» كتاب " امارة اولاد سيدي الشيخ"
الجمعة 25 مايو 2018 - 17:46 من طرف محمد بلمعمر
» قصائد بوشيخية .
الجمعة 6 أبريل 2018 - 9:53 من طرف محمد بلمعمر
» القصيدة التي أبكت رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأحد 1 أبريل 2018 - 21:17 من طرف manadh
» شهداء معركة تازينة باليض.....
الخميس 1 مارس 2018 - 22:22 من طرف manadh
» أفضل الصلاة وأزكى التسليم على إمام الانبياء
الإثنين 19 فبراير 2018 - 11:04 من طرف بكري